الحلم الكويتي
كتب لبيد عبدال :
يبقى الحلم الاميركي ابرز احلام القرن العشرين، الذي يقوم على جعل الولايات المتحدة الاميركية، ارضا لتحقيق الاحلام والطموحات ايما كان الاصل، او التاريخ، او الفرص الاقتصادية في الوطن الام، بحيث يوفر النظام الاداري، والاقتصادي، والاجتماعي، في الوطن الجديد، المناخ المناسب لتحقيق ذلك، طالما تحققت القدرة، والكفاءة، والعزيمة.وفي فرنسا يبقى الحلم الفرنسي مرتبطاً بمبادئ الثورة الفرنسية، حيث مبادئ الحرية، والمساواة، والتآخي، ويقوم الحلم الكندي على بناء دولة من الموزاييك الكندي القائم على تعدد الجنسيات، والثقافات، والاديان، اما الحلم البريطاني، فيقوم على بناء وحماية التعددية الثقافية والدينية، تحت الهوية البريطانية.ويبدو اننا في الكويت، نحتاج إلى المزيد من التفكير، والتأصيل، واعادة النظر في شأن تحديد وصياغة هذا الحلم، اذ يبقى من الاهمية بمكان التركيز على المزيد من العيش للقصة الوطنية المشتركة، التي من دون شك، تبقى لا تنفصل عن التاريخ المشترك، وبدء تأسيس المجتمع، الذي ارتبطت تحدياته بركوب عباب البحر، التجارة والغوص من اجل اللؤلؤ، وكذلك العيش في الظروف الصعبة للصحراء، ومجابهتها بالتلاحم الاجتماعي، والتفكير الدائم بتأمين المستقبل.كما انه لا يمكن عزل تلك القصة الوطنية عن دور الشيخ مبارك، والتحديات الكبرى التي كانت محيطة به، كالتهديد العثماني، وتحديات ابن رشيد، ومن ثم ابرام اتفاقية الحماية للكويت مع الامبراطورية البريطانية عام 1899، ثم اتجاه اهل الكويت إلى عرض مسودة الوثيقة الدستورية الاولى على الشيخ احمد الجابر عام 1921، واكتشاف النفط في الاربعينات، وبروز الاتجاه الايجابي الذي قام على الدفع نحو مجتمع اكثر بحبوحة عبر التثمين، ومن خلال التطور التدريجي في مجال التعليم، والصحة، والبلدية، ثم اعلان الاستقلال وصدور دستور 1962، وانشاء مجتمع اكثر تنظيما ومدنية، ونشوء العديد من مؤسسات الدولة ووزاراتها، ثم تعرض الكويت إلى محاولة الاعتداء على الحدود من عبدالكريم قاسم، ثم حربي 67 و73 كتحديات عربية لم تكن الكويت بعيدة عنها.ثم جاءت الثمانينات كمرحلة الحرب العراقية ــ الايرانية، وآثارها المباشرة على الكويت، وامنها، واقتصادها، ولحق بذلك الغزو الغاشم للكويت عام 1990، ومتابعة اعادة بناء الكويت بعد تحريرها، ثم سقوط رئيس النظام الصدامي في 2003، وتحقيق تغيير كبير بالنسبة للكويت بشأن الهاجس الامني، ثم تحقق ارتفاع كبير في سعر برميل النفط، والوصول الى عوائد عالية لايرادات النفط، ثم انطلاق مشروع الكويت كمركز مالي وتجاري.وعلى ما يبدو، وعبر ذلك الموجز التاريخي، كان التحدي دائما، وجود الدولة، وامنها، وبقاؤها على الخريطة العالمية، امام المخاطر والاطماع الخارجية والدولية المحيطة بها، وبالتالي كان مشروع وهاجس الدولة اكبر من أي أمر آخر.ونعتقد وبصورة جازمة، أنه قد آن الاوان ودقت ساعة التحول الى المزيد من التركيز على الداخل، واستمرار مواجهة جميع شهوات التدمير للكويت، خصوصا مع النجاح الباهر للقيادة، في بلورة اهمية التحالفات الناجحة مع الامبراطورية البريطانية في القرن 19، ثم الولايات المتحدة، بشكل اكثر دقة، في السبعينات، والثمانينات، ثم مع تحرير الكويت عام 1991، واعادة الشرعية، واعلان الكويت حليفا استراتيجيا في 2004، ودعم الكويت اعمال تحرير العراق واعادة امنه، وازالة نظام دكتاتوري ودموي، كلف العراق والمنطقة الكثير من الدماء والدموع، وأرواح الابرياء.هذا النجاح يسجل للقيادة، خصوصا في اطار المستقبل الاستراتيجي للكويت كموقع، وكإحدى اهم الدول المصدرة للنفط على مدى المائة عام المقبلة، والتي تستوجب بحق، تحقيق خطة وطنية شاملة، تتوافق مع الرؤية الاميرية بجعل الكويت مركزا ماليا، مع وجود التحالفات الدولية، وانشاء مدينة الكويت الحديثة، والقائمة على مبادئ المساواة، وتكافؤ الفرص للجميع، مع رفع زخم المشاريع التنموية التي تجعلها واحة وارفة الظلال، ودولة رفاه، حسب ما ورد في الدستور، ترمز، للنماء، والامان، والاستقرار، وترعى وتحفظ مبادئ احترام القانون والمساواة امامه، لكل من فيها، حكاما ومحكومين، من جبلة، وشرق، والمرقاب، والجهراء، داخل حدود السور وخارجه، قرى الفنطاس وابو حليفة، السنة والشيعة، مواطنين واجانب، وجموع الناس، محققا بذلك، الحلم الكويتي المنتظر والاصيل.
لبيد عبدال
No comments:
Post a Comment