مما يثير الاندهاش ان تكون اتفاقية سايكس ــ بيكو قد ابرمت عام 1916 بين الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس والدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو، بصورة وثائق تفاهم بين وزارات الخارجية للامبراطوريات القائمة آنذاك، وهي البريطانية، والفرنسية، وبتنسيق مع الامبراطورية الروسية، وذلك بعد انهيار الدولة العثمانية، وتقسيم الاقاليم الجديدة التي كانت تحت سيطرتها كسوريا، والعراق، ولبنان، وفلسطين، ومع ضمان اهم الموانئ البحرية والممرات البرية وبناء سكة حديد، وعمل تعديل على الوعود التي تمت مع شريف مكة الحسين بن علي، بشأن حكم الحجاز.
ورغم ان شعوب المنطقة كانت قد حلمت بالتحرر من العثمانيين، والحصول على استقلال وارادة حقيقية كاملة، بشأن ادارة شؤونها ومقدرات شعوبها وثروات اراضيها، فإنه، وعلى ما يبدو، مازالت تغيب بسراب وسبات عميقين، رغم مضي ما يقارب المائة عام على زوال خضوعها للعثمانيين، وانتهاء حربين عالميتين، هما الاولى والثانية، فقد ظلت غارقة في ظلام دامس من الخضوع والخنوع، ولا تستطيع ان تستر عورة التخلف الارادي الذي تعيشه، حيث انها مازالت ناقصة الاهلية، ومصابة بحالة من المعاناة بالسفه تارة، والعته تارة اخرى، في مجال الصراع والمنافسة بين الحضارات، رغم سنوح الفرص، وعدم وجود اي تحديات نووية او ذرية استخدمت معها، كبعض الشعوب التي استطاعت ان تبرز مع الدول العظام اقتصاديا الآن، رغم ما عانته من تحديات ومنافسات عسكرية وثقافية وحضارية.
اذ لا تزال دول المنطقة، في صلب واقعها مصابة «برجة» في العقل والفكر والقلب، ولا تنعم باستقلال كامل، فهي لا تستطيع ان تدافع عن نفسها بنفسها، ولا تملك او تصنع سلاحاً تذود به عن اطفالها او نسائها، وترى بالسلام الدائم والعادل حلماً غير محقق الوجود، ويظل تعليمها لشعوبها وصحة امتها لا يكتملان الا بالخارج، الذي تدين له وتتبع بسبب ومن دون سبب، لتستمر تدفع ضريبة وجودها الذي قدر ان يبقى غير مكتمل النمو.
وتحتاج في حقيقة الامر وواقعه، وكحالة مستعجلة، نداء مجلجلا لاستنهاض الهمم، وبناء دول على مستوى التحديات الكبرى الاقليمية والدولية، واثبات الذات والوجود والحرية بين الامم، دون المزيد من التناقضات المزمنة والساخرة في الوقت نفسه.
لبيد عبدال
No comments:
Post a Comment