Friday, January 16, 2009

قوة عظمى جديدة

كتب لبيد عبدال :


أبرز «تقرير محرك البحث غوغل حول العالم» الذي صدر اخيرا، نتائج المواضيع الاكثر بحثا لعام 2008، وكان على قمتها المرشحة سارة بالين، التي ترشحت لمنصب نائبة للمرشح السابق للرئاسة الاميركية ماكين، ثم جاء بعدها كلمة بكين 2008، ثم موقع فيس بوك، وعدد من شبكات التعارف الاجتماعية الاخرى في اسبانيا وألمانيا، وجاء الرئيس المنتخب الاميركي باراك حسين اوباما (ابوعمر) في المرتبة السادسة، وغيرها من النتائج التي ابرزت القوة غير العادية لمحركات البحث على الانترنت، لتبرز امواج السلوك البشري يوميا، واتجاه اختياراتها وأمزجتها، من خلف شاشات الكمبيوتر.
هذا الامر لا يمكن ان يخفي القوة الاستثنائية لذلك النمط الجديد للقوى العظمى، وقدرتها على السيطرة على خيوط التغييرات العالمية، ونمط السلوك البشري، سواء في مجال الاعلام الاجتماعي، او شبكات التعارف والتواصل العام، او المهني، الذي يضم ملايين المواقع التي تجمع البشر، عبر شبكة الانترنت، ومن دون حاجة لعبور اي حدود، او ركوب اي وسيلة من وسائل النقل، للتواصل مع الآخرين، او للتعبير عن رأيهم.
بل استطاع الرئيس الاميركي المنتخب، في الانتخابات الاميركية الاخيرة ان يكون اول رئيس إلكتروني لدولة عظمى، والذي نجح بحق في استخدام الانترنت وسيط اتصال ناجحاً في توصيل رسالته إلى جمهور من ملايين الناخبين والتواصل معهم، طوال فترة الترشح وخوض غمار السباق الانتخابي، وحتى آخر مراحل اعلان النتائج، وإرساله الكترونية خاصة بالفوز لكل الناخبين والمناصرين في الحملة الانتخابية، قبل لحظات من تقديم خطاب الانتصار ضد منافسه.
وقد كان نصيب الكويت الاكبر في تقرير الباحث غوغل لعام 2008 هو «اقتصاد الكويت»، وكأن محرك البحث هو المعبر الحقيقي لهاجس الكويتيين وغيرهم، ممن ارادوا استنطاق هذا المحرك لكشف حاضر هذا الاقتصاد والتوقعات بالنسبة له، واستشراف مستقبل الكويت الاقتصادي في عام 2009، مع الامل في التحرك الى الامام، من غير شد او جذب او صداع برلماني او حكومي، من خلال الكلمات التي عبرت عن حاجات كاتبيها من الباحثين على محرك البحث، لمزيد من المعرفة، وازالة الغامض والمبهم، عن هذا الاقتصاد.
ونحن بدورنا، نرى ضرورة سرعة الاهتمام بلغة العصر واتجاهاته، من دون تباطؤ كسول وممل، اذ لا يمكن تجاهل ما يمكن لمحركات البحث ان تعرف عنا عبر ما تتم كتابته عند البحث بمجرد ادخال الكلمات المطلوبة، وكم من خلالها يمكن استشفاف اتجاهات المجتمع، وكم من الاستنتاجات الصحيحة التي يمكن الوصول اليها، وبناء خطط المستقبل، خاصة مع وجود فئة الشباب الذين يقضي جزء كبير منهم وقتهم خلف شاشات الكمبيوتر سواء للعمل او الدراسة او الترفيه، داخل الكويت وخارجها، بل جميع الفئات العمرية الاخرى التي لا تقل اهتماما وشغفا بمتابعة التطورات على الشبكة العنكبوتية، في مجالي السياسة والاقتصاد وغيرهما، وبالتالي الوصول جميعا الى نقطة قريبة جدا من اتجاهات الناس في المجتمع ونبض العصر، والعمل بقوة نحو عدم بقاء مستقبل هذا البلد معلقا او معطلا او عديم الاتجاه!

لبيد عبدال
Labeed@lalaw.com.kw
http://www.lalaw.com.kw/

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=465059&date=16012009

Friday, January 9, 2009

لا لدستور الظل

كتب لبيد عبدال :


يتضح تماما مصطلح حكومة الظل في النظم البرلمانية الديموقراطية، حيث يقوم حزب الاغلبية المعارضة، بتسمية وزراء ظل، يقابلون الحكومة الفائزة باغلبية مقاعد البرلمان، بما في ذلك رئاسة الحكومة، وذلك للمساهمة في نقد وتشذيب السياسة العامة، التي تتولى تنفيذها الحكومة التي تتولى السلطة.
لكن يبقى من غريب التجارب الدستورية والبرلمانية، ان ينشأ ما يمكن تسميته، بدستور الظل، حيث اننا في الكويت، علمنا ونعلم عن دستور 1962، الذي اصدره وصدق عليه ــ المغفور له ــ الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم، ولكن حالة التأزيم الاخيرة ابرزت العديد من المفاهيم التي اختلفت على الساحة، والتي لا تمت للدستور بصلة، وحملته بمفاهيم لا وجود لها، حيث ان الدستور لم يتناول في طياته، اي خطوط حمراء، واشتمل على قواعد راسخة لمفاهيم الديموقراطية والحرية والمساواة، وحرية الرأي والتعبير لجميع الناس، وحافظ على حقوق الحكومة في تنفيذ السياسة العامة والدفاع عنها، وحافظ على حقوق البرلمان بالتشريع وبممارسة دوره في الرقابة على الاداء الحكومي.
ولم يتضمن دستور 1962 من قريب او بعيد، اي مفهوم من مفاهيم تأجيل الاستجواب لمدة سنة او سنتين، او الى ما لا نهاية! وكل ما هنالك، اجازت المادة 106 تأجيل اجتماع مجلس الامة لمدة لا تجاوز شهرا بمرسوم، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد، الا بموافقة المجلس.
كما قد تضمنت المادة 135 من اللائحة حقا دستوريا للحكومة، استعدادا للرد على عناصر الاستجواب، وطلب مد الاجل الى اسبوعين على الاكثر، ولا يكون التأجيل في هذه الحالة لاكثر من هذه المدة الا بقرار من المجلس.
ولم يميز الدستور في حالة المستجوب، فحسب دستور 1962، يجوز تقديم الاستجواب لاي وزير في مجلس الوزراء، وكذلك لرئيس مجلس الوزراء، متى توافرت الجوانب الشكلية والموضوعية للاستجواب.
بل لم يتضمن دستور 1962 اي اشارة، لما سمي بالحل غير الدستوري، فقد خلا دستور 1962 من هذا المصطلح المزعوم، وتضمن دستور الكويت لسنة 1962 مصطلح الحل في المادة 107 في حالة واحدة، وهي الحل المسبب، الذي لا يجوز الاتجاه اليه، حسب الفقرة الاولى، من المادة نفسها، للاسباب ذاتها مرة اخرى، ويجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل.
ووفق مفهوم الفقرة الاخيرة من المادة نفسها، اذا لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة المذكورة، يعود المجلس بقوة الدستور، ويسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا ويعتبر الحل كأن لم يكن، وذلك لضمان استمرار الحياة النيابية والديموقراطية في البلاد من دون انقطاع.
وطالعتنا الآن مسألة حضور الحكومة للجلسات ومدى صحة الانعقاد من دونها، والتي تحسمها نصوص الدستور الكويتي من خلال الاكتفاء بحضور ما يزيد على نصف اعضاء المجلس، ويعد عدم حضور الحكومة عند اذ، امعانا في نية التعطيل المقصود وعدم التعاون، خصوصا انها المناط بها التنفيذ للقوانين التي يصدرها مجلس الامة، مما يثير مسؤوليتها السياسية الجماعية ويعطي الحق الكامل لمجلس الامة الآن، بممارسة كل وسائل الرقابة عليها، من اسئلة وتشكيل لجان تحقيق واستجوابات، وبما في ذلك طلب استقالتها وعدم التعاون معها.
انه بحق دستور يمثل رؤية وروحا بناءة لواضعيه من المؤسسين، وعلينا الآن المسؤولية التاريخية بعدم التفريط في أصل ما ورد في ثناياه، والمنجاة من الازمات بالاحتكام دائما وأبدا للصادق وغير المنشطر لمعانيه.


لبيد عبدال
Labeed@lalaw.com.kW
www.lalaw.com.kw

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=462993&date=09012009