Wednesday, July 8, 2009

البطاقة الذكية والحريات الدستورية


لا يمكن الاقلال من اهمية الاتحاد الاميركي للحريات المدنية ACLU، باعتباره فخر التجربة الديموقراطية، خاصة في مجال الدفاع عن العديد من الحقوق والحريات العامة والخاصة في الولايات المتحدة الاميركية، وذلك كالحق بحرية التعبير والرأي، وحرية الصحافة، وحرية التجمع، وحرية العقيدة، والحق بمحاربة اي نوع من انواع التمييز، والحق بالحصول على معاملة عادلة بمناسبة الحصول على اي خدمات او معاملات حكومية، وسرية البيانات الخاصة، وعلى الاخص ما تعلق منها بحقوق او مبادئ مصدرها الدستور، وكان سندها قواعد الديموقراطية ومبادئ المساواة امام القانون.ولعل من ابرز نجاحات ذلك الاتحاد، هو وقف العمل ببرنامج المصفوفة THE MATRIX الذي جاء كاختراع من احدى الشركات في فلوريدا، وتم العمل به وتمويله من بعض الولايات الاخرى، والذي يقوم على ربط معلومات كل ولاية عن الافراد عبر هذا البرنامج من اجل مكافحة الجريمة والارهاب، وبحيث يشمل السجل الجنائي، بيانات رخصة القيادة والمركبة، وحركة الانتقال والسفر، واستخدامات كرت الائتمان، وسجل الحالة الزوجية والطلاق، ومعلومات عن افراد الاسرة من حيث تاريخ الميلاد، واي وفيات، مع تجميع عناوينهم جميعا، وبيانات اسماء الجيران والشركاء التجاريين، والعادات الاستهلاكية وغيرها من البيانات الخاصة والشخصية الاخرى.وقد تميز جهد ذلك الاتحاد باللجوء للقضاء العالي والكونغرس الاميركي والصحافة الاميركية، لمنع استمرار العمل بالبرنامج لما فيه من اعتداء كبير على الحق في الخصوصية، وعصف بمبدأ سرية البيانات الشخصية، خاصة للابرياء، والذين لا ناقة لهم او جمل في شأن اي اتهامات مزعومة، وذلك عند قيام جهات التحري بمهامها بالتجميع والتنقيب عن المعلومات.والامل كبير الآن ان تكون التجربة الجديدة للبطاقة الذكية والتي تبنتها دول الخليج، باقية في الحدود العملية والتنظيمية بين تلك الدول، خاصة ان تلك البطاقة حسب ما نشر بالصحافة عنها، تخزن الكثير من البيانات والمعلومات، كالصورة والبصمة، ويستطيع بواسطتها المواطن التنقل ما بين دول مجلس التعاون الخليجي، ويستخدمها في البوابات الالكترونية، اضافة الى اعتمادها كملف صحي بالتنسيق مع وزارة الصحة (والذي اجده امرا مستغربا؟ اذ يجعل المعلومات الصحية لدى طرف ثالث، غير المريض والطبيب)، وككرت الكتروني لصرف المواد الاساسية المخصصة ببطاقة العائلة التموينية.وفي كل حال، لا بد ان تكون البطاقة الجديدة في حدود ما ذكر، دونما اي امر اكثر من ذلك، خاصة اننا نعيش اليوم وغدا في العصر المعلوماتي والرقمي اللامحدود، والذي يجب الا يكون سبيلا لغرق الحريات الدستورية، او الانقضاض عليها بلا قيود.
لبيد عبدال

No comments: