Thursday, December 24, 2009

الحائط الجديد في غزة

شكلت مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضي البريطاني ريتشارد غولدستون بحق وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، حالة اضطراب دولية ونية غريبة امتدت لنوايا تعديل قوانين بريطانية راسخة بشأن الاختصاص الدولي للمحاكم البريطانية في شأن ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، خاصة مع احتمال تكرار هذا الامر ضد اي من القيادات في اسرائيل، بشأن ارتكاب جرائم دولية اخرى محتملة، ترتبت على الهجوم العسكري العام الماضي، على المدنيين من الاطفال والنساء وكبار السن العزل في غزة.
ولعله من المستهجن حقا، ان يسكت الاعلام العالمي في الوقت نفسه، عن الحائط الحديدي الجديد، الذي يجري بناؤه الآن بين غزة ومصر بعمق 33 مترا، وفق جريدة اليابان تايمز بتاريخ 20 - 12 - 2009، والذي تم بناؤه لمنع القنوات التي تم حفرها من الفلسطينيين تحت الارض لعمل ممرات تحت الجدار الحالي، للحصول على الغذاء والدواء، خاصة ان الحائط المذكور يشكل مخالفة صريحة للقانون الدولي وابسط مبادئ حقوق الانسان، مع حالة فقدان الامن الغذائي هناك وتعرض الاطفال الرضع لحالات كثيرة من الانيميا، وتناقص عدد المستشفيات والمستوصفات وسيارات الاسعاف بسبب تدميرها بعد العمليات العسكرية، واعتبار غزة منطقة كوارث صحية وفق تقرير منظمة الصحة العالمية.
ورغم ما عجت به الصحافة العالمية والعربية بشأن مذكرة التوقيف المذكورة، واحداث غزة المرتبطة بها، خاصة مع انحسار الدور الحقيقي لمنظمة الامم المتحدة، واعتبارها قد فقدت هيبتها بازدواج المواقف عند التعاطي بقضايا اخرى لدول غير نافذة في افريقيا، ثم غض الطرف بشأن الحالة بين فلسطين واسرائيل.. فإنه يهم القول، بعد تلك الفصول الطويلة المحبوكة، ان وضع الحلول لا يعني بالضرورة مسح اسرائيل من الخارطة، او السماح بعمل تطهير منظم للفلسطينيين وحقهم في الحياة وتقرير المصير، خاصة ان مشروع الدولتين المتسالمتين طرح بين الطرفين، ويلقى تأييدا دوليا.
وبين هذا وذاك، فإن المصالح المحققة وفق حالة الحرب، كبيع السلاح وتهجير العقول وضرب استقرار وامن المنطقة - المستعدة دائما لذلك - تبدو اكبر بكثير من حالة السلام، خاصة مع الدور الواضح لبعض الدول المحيطة في تعميق النزاع بما فيه من شوائب ونوائب، لضمان التسلق والسباحة على السطح ذهابا وايابا، وبالتالي لا يبقى - ظاهرا كمخرج - الا العمل الاقتصادي الذي اختارته دول ناجحة كاليابان، واستطاعت به - وبحق - النهوض والتغلب على الذات ومنافسة العالم، رغم الضربة النووية المدمرة، فكانت مثالا حقيقيا لتجربة انسانية مهمة تُحتذى، وتصلح لكل زمان ومكان
لبيد عبدال

No comments: